أطلّت علينا سنة 2025 بموجةٍ من الارتفاعات في الأسعار التي تثقل كاهلنا جميعًا. ما الذي يمكن للحكومة فعله لتقليل تكاليف المعيشة؟ عدنا إلى التقارير التي نشرها مراقب الدولة في عام 2024 ووجدنا مجموعة من التوصيات التي قد تساهم في إحداث تغيير ما
احتفل العديد من الإسرائيليين في ليلة 31 ديسمبر بقدوم السنة الميلادية الجديدة، ولكن عندما أطلّ علينا اليوم الأول من عام 2025، استيقظت الدولة بأكملها مع صداع بالرأس أو بالأحرى وجع في الجيب.
افتُتحت السنة الميلادية الجديدة بموجة من الإجراءات الاقتصادية التي دخلت حيّز التنفيذ في مجالات متنوعة، ووفقًا للتقديرات، من المتوقّع أن تكلّف كلّ عائلة في إسرائيل ما بين 8,000 حتّى 12,000 شيكل سنويًا.
ورد العنوان في عدد من التقارير التي نشرها مراقب الدولة ومفوّض شكاوى الجمهور متانياهو إنجلمان وفي تصريحات مختلفة أدلى بها العام الماضي، حيث حذّر من تصاعد وتفاقم تكاليف المعيشة.
على سبيل المثال، أكّد مراقب الدولة في مقابلة له أجريت ضمن بودكاست "دوح مَتساف" على أنّ تكاليف المعيشة في إسرائيل تتصاعد بشكل كبير، ودمجها مع أسعار الفائدة المرتفعة يزيد من صعوبة الأمر على العائلات".
لا شكّ بأنّ التكاليف المالية الضخمة لحرب السيوف الحديدية تتطلّب شد الحزام، ولكن إصلاح القصورات التي تحذّر منها تقارير الرقابة قد يساهم في تقليل تكاليف المعيشة وتخفيف العبء على كلّ فرد فينا.
مشكلة قلة المنافسة في السوق
أحد أكبر المصروفات التي يتحمّلها الجميع هي على الطعام والمنتجات الاستهلاكيّة. على سبيل المثال، في عام 2021، دفع الإسرائيليون 138 مليار شيكل على الطعام والمشروبات غير الكحوليّة. السبب الذي يدفعنا إلى إنفاق كلّ هذه المبالغ مرتبط جزئيًا بالمشاكل الهيكلية في سوق الغذاء والاستهلاك في إسرائيل: تركيز السوق ومستوى التنافسيّة في الاقتصاد، الضوابط الجمركية، الضوابط المتعلّقة بحماية النباتات وصحّة الجمهور.
كيف يؤثّر تركيز السوق في قطاع الغذاء على كل واحد وواحدة منّا؟ التقرير الذي نشره مراقب الدولة في نوفمبر 2024 حاول فحص الموضوع. فحص طاقم الرقابة 38 فئة من المنتجات الغذائية - بدءًا من الخبز، الحليب، الأجبان والبيض، مرورًا بالكولا، القهوة، والشاي، وصولاً إلى الأرز، الباستا، التونة، والدجاج المجمّد. مرّة تلو الأخرى، صادف الطاقم أسماء الشركات ذاتها: إذ تبيّن أنّه في 20 فئة من أصل 38، تسيطر ثلاث شركات على أكثر من %85 من السوق.
למה המזון בישראל כל כך יקר?
على سبيل المثال النسكافية، حليب الكريما (شمينت)، والكورنفلكس. إذا كانت هذه المنتجات موجودة أيضًا في مطبخكم، فمن المحتمل جدًا أنّها صُنّعت بواسطة إحدى الشركات الكبرى الثلاث التي تسيطر على رفوف القهوة، حليب الكريما والكورنفلكس في المتاجر.
ومع ذلك، فإنّ قلة المنافسة في السوق ليس السبب الوحيد للأسعار المرتفعة. عندما بدأت حرب السيوف الحديديّة، تم استدعاء العديد من العاملين للخدمة الاحتياطيّة، وبسبب ذلك، قلّت وتيرة إنتاج المصانع، وتمّ إلغاء التخفيضات والعروض في السوبرماركتات، وارتفعت أسعار المنتجات الغذائيّة: في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب فقط، ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية بنسبة %2.9 - وغلاء الأسعار لا يتوقّف. وجدت وزارة الاقتصاد أنّ بعض تجّار التجزئة استغلوا النقص في بعض المنتجات لرفع أسعارهم بشكل ملحوظ. كان من المفترض أن تتدخّل السلطة لحماية المستهلك، ولكن في غياب القوانين المناسبة لم يكن لديها الأدوات اللازمة للتعامل مع هذا الارتفاع في الأسعار.
في تقارير أخرى، بما في ذلك التقرير الذي فحص الرقابة على أسعار المنتجات الغذائيّة في إسرائيل، وجد مراقب الدولة أن أسعار المنتجات الغذائية هنا (بمقاييس القوة الشرائية) أعلى بنسبة %51 مقارنةً بدول الاتّحاد الأوروبي وبنسبة %37 مقارنةً بدول منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). إذا كنتم تحاولون تناول الطعام الصحّي، من المهم أن تعرفوا أنّ الخبز الكامل، الذي يُعتبر أكثر صحة، أغلى بنسبة %253 من سعر الخبز المصنوع من الطحين الأبيض. وإذا كان هذا غير كافٍ، في إسرائيل ستدفعون مقابله %82 أكثر من الولايات المتحدة، إنجلترا نيوزيلندا وإسبانيا.
סרטון 2 פיקוח על מחירי המזון
وماذا يحدث في رفوف الخضروات والفاكهة؟ إلغاء التعريفة الجمركيّة على الأناناس وزيادة حجم استيراده جعلت من هذه الفاكهة الاستوائية أكثر تواجدًَا في العديد من البيوت في إسرائيل. لكن الإصلاح الزراعيّ، الذي كان يهدف إلى تخفيض الرسوم الجمركيّة وزيادة حجم استيراد الفاكهة والخضروات الأخرى، تمّ تجميده بل في الواقع أُلغي قبل أن يكتمل. وعلى الرغم من أنّ وزارة المالية خفضت التعريفات الجمركية على العنب على سبيل المثال، إلا أنّ هذا التخفيض لم يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الأسعار أو زيادة في العرض. وعندما لا تكون هناك كمية كافية من البضائع ولا توجد منافسة - ترتفع الأسعار.
لا ترتفع أسعار المواد الغذائية فحسب - بل أيضًا العديد من المنتجات الاستهلاكية الأخرى. وجد مراقب الدولة على سبيل المثال أنّ منتجات المكياج أغلى في إسرائيل بنسبة تصل إلى 403% مقارنةً بأوروبا. مثلًا، ستدفعون في البلاد نحو 102 شيكل لمنتج مكياج من شركة ريفلون. وفي اوروبا؟ سيكلّفكم فقط 25 شيكل. الأمر مستفزّ، صحيح؟ بالطبع.
إذًا، ما الذي يمكن فعله؟ ناشد المراقب الوزارات والسلطات المعنية للتأكد من أنّ الإصلاح الذي يحمل عنوان “ما هو جيد لأوروبا جيد لإسرائيل”، الذي يهدف إلى تعزيز المنافسة، يساهم فعليًا بالحدّ من العوائق المتعلّقة بالاستيراد. أشار المراقب إلى أنّه يجب على الوزارات والسلطات المعنية اتّخاذ خطوات إضافية تساعد في الحدّ من التركيز في سوق المنتجات الغذائيّة والمنتجات الاستهلاكية وتعزيز المنافسة، بهدف تقليل غلاء المعيشة.
رسوم مرتفعة جدًا
ولكن قبل تكاليف المنتجات الغذائيّة، أكبر مصروفات الإسرائيليين هي تكاليف السكن. هل تخططون لإضافة غرفة في شقّتكم؟ هل تفكّرون في بيع المنزل؟ قد تُلزمون بدفع رسوم تحسين للسلطة المحلية - وهذا مبلغ كبير: في عام 2021، حصّلت السلطات المحلية من السكان ضريبة تحسين بلغ مجموعها نحو 9 مليارات شيكل.
כמה עולים לנו היטלי ההשבחה?
في عمل الرقابة المتعلّق بتحصيل رسوم التحسين واستخدامها، تبيّن أنّ البلديات التي تم فحصها - القدس، هرتسليا، رمات غان، ورامات هشارون - لا تنشر الرسوم الفرديّة لضريبة التحسين التي تحصّلها من مالكي العقارات، وبالتالي يصعب على السكان التحقق مما إذا كانت مطالب الدفع التي تلقوها مبرّرة.
في حال كنتم تشعرون أنّ الرسوم التي تمّ فرضها عليكم مرتفعة جدًا، فغالبًا أنتم محقّون. فحص مراقب الدولة ووجد أنه في %95 من الحالات التي تمّ فيها تعيين مخمّنين حاسمين، تمّ تخفيض نحو ثلث المبلغ الذي حدّدته اللجان المحليّة للتخطيط والبناء. وفقًا لعيّنة استطلاعيّة من مكتب مراقب الدولة، وصل مبلغ التخفيض المعدّل في عام 2022 إلى -1.1 مليون شيكل.
"ديون لفوق الراس"
وجد المراقب بأنّه حتى في سوق الائتمان لا تزال المنافسة غير كافية. في أبريل 2019 بدأ بنك إسرائيل بتشغيل قاعدة بيانات للائتمان تهدف، من بين أمور أخرى، إلى تعزيز المنافسة في سوق الائتمان الاستهلاكي (غير المعدّ للإسكان).
إلا أن الفحوصات التي أجراها بنك إسرائيل أظهرت أنّ قاعدة البيانات لم تؤثر على انتقال الزبائن بين المؤسسات المصرفية ولم تؤثّر حتى على خفض الائتمان للزبائن الجدد. حتى ديسمبر 2020، فقط %17 من جمهور متلقّي القروض (قروض غير سكنيّة) أخذوا القرض من جهة ائتمانية غير البنك الذي يديرون فيه حسابهم الجاري.
قاعدة البيانات لم تسهم أيضًا في تعزيز المنافسة في سوق الائتمان للعائلات من أجل الإسكان، حيث كانت أرصدة الديون في هذا السوق حوالي 536 مليار شيكل حتى نهاية عام 2022. 97% من أرصدة ديون العائلات السكنيّة للقطاع المالي في عام 2022 كانت للمؤسسات المصرفيّة.
כמה עולים לנו היטלי ההשבחה?
في تقرير مراقب الدولة حول موضوع الاستعداد لتفشّي التضخّم الذي نُشر في يناير 2024، ورد أن البنوك حرصت على فرض فائدة أعلى على القروض وعلى التجاوزات في الحسابات الجارية، لكنها لم تعوّض أصحاب الحسابات بالكامل عن الفائدة التي كانوا يستحقّونها على الودائع البنكيّة. “بعد أن رفع بنك إسرائيل نسبة الفائدة، قامت البنوك بزيادة أرباحها ولم ”تحوّل“ الفائدة بالكامل إلى ودائع المواطنين”، كما صرّح المراقب إنجلمان عند نشر التقرير.
العدّاد شغّال
يمكن الشعور بغلاء المعيشة ليس فقط في عمليات الشراء الأسبوعيّة في السوبرماركت، أو في القرض الإسكانيّ أو في الفائدة على"المينوس" في البنك، ولكن أيضًا في استخدام وسائل النقل.
هل سافرتم مؤخرًا على أحد الطرق السريعة برسوم مرور؟ فحص مراقب الدولة ووجد أنّ تكلفة استخدام المقطع المركزي لشارع 6 أعلى بنسبة حوالي %60 من التعريفة في شارع رقم 6 الشمالي. ارتفعت تسعيرة السفر في أنفاق الكرمل بنسبة %65 تقريبًا منذ افتتاح الأنفاق في عام 2010، وقد يدفع المشتركون نحو 900 شيكل شهريًا.
איך פועל ענף המוניות בישראל?
وحتى استخدام سيّارة الأجرة لم يعد بالمتعة الرخيصة، إذ تطرّق تقرير المراقب لمدى غلاء ذلك. في المدن الكبيرة حول العالم، مثل لندن، نيويورك، برشلونة، وبرلين، هناك تعريفة سفر خاصّة ومخفّضة إلى الوجهات الرئيسية كالمطارات. في إسرائيل - هذا الشيء غير موجود.
"إلى جانب حرب السيوف الحديديّة، يجب أن تكون قضية غلاء المعيشة في صدارة اهتمامات رئيس الحكومة ووزراء الحكومة"، أكد المراقب إنجلمان وأضاف: "نحن في مكتب مراقب الدولة ملتزمون بقضية غلاء المعيشة وندرك أنّ التفاصيل المختلفة والصغيرة هي التي تشكّل الصورة كاملة فلا يجب الاستهانة بها. لذلك سنواصل عملنا في مراقبة القضايا المختلفة المرتبطة بغلاء المعيشة لصالح جميع المواطنين في إسرائيل".