معالجة الحكومة لمشكلة الشباب المتعطّل (الذين لا يعملون ولا يتعلمون) في المجتمع العربي

30% من سكان إسرائيل الشباب هم من المجتمع العربي، وهم قرابة 280,000 شاب في جيل 18-24. عرّفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حالة التعطّل بين الشباب على أنه الوضع الذي يكون فيه الشباب لا يتعلمون، لا يعملون وليسوا في إطار تأهيلي. في المجتمع اليهودي هناك مسار طبيعي، بل ومُلزم، يُتوقع أن يندمج فيه كل من ينهي المرحلة التعليمية الثانوية - إن كان في إطار الجيش (أو الخدمة الوطنية - المدنية) أو في إطار تعليمي في مدرسة معهد ديني توراتي. هذا المسار الطبيعي جعل نسبة الشباب المتعطّل في المجتمع اليهودي، في جيل 18-24 في سنة 2021 قرابة 14% بين الرجال، و-17% بين النساء. في المقابل، لا يوجد في المجتمع العربي مسار طبيعي مُنظّم أو مُلزم لمن يتخرج من جهاز التعليم. وعليه، نجد أن نسبة المتعطّلين بين الشباب في المجتمع العربي في جيل 18-24 أعلى من النسبة المذكورة في المجتمع اليهودي - قرابة 25% بين الرجال، و 34% بين النساء. الفجوة في نسبة المتعطّلين بين الرجال العرب الشباب وبين الرجال اليهود الشباب ارتفعت في السنوات الأخيرة من 6% في مطلع 2015 إلى 11% في نهاية 2021.  

يؤثر التعطّل أيضا على معدلات الجريمة بين الشباب، وخاصة بين الرجال. بالإضافة إلى ذلك، فإن حالة التعطّل تمس بإيمان الشخص بقدراته وبمهارته الاجتماعية، وتؤدي إلى تقليص العلاقات الاجتماعية وإلى الاكتئاب، وتُحمّل العائلة أعباءً، وأيضا تؤدي إلى زيادة الضغط على خدمات الرفاه والخدمات المجتمعية، إلى تراجع الشعور بالانتماء للمجتمع وإلى توسيع دائرة الفقر والفجوات في المجتمع. هناك علاقة مباشرة بين التعطّل في سن الشباب والتعطّل في جيل متقدم أكثر. لهذا، فإن الدمج النوعي لجمهور الشباب أبناء المجتمع العربي في سوق العمل، قادرٌ على تقليص الفجوات المجتمعية - الاقتصادية وعلى تحسين انتاجية الاقتصاد الإسرائيلي برمّته. 

في الفترة ما بين يوليو 2021 وأغسطس 2022 فحص مكتب مراقب الدولة معالجة الحكومة لمشكلة الشباب المتعطّل، أي الذين لا يعملون ولا يتعلمون في المجتمع العربي؛ قرارات الحكومة التي تعاملت مع هؤلاء الشباب والميزانيات التي خُصصت لها؛ خطوات جهاز التعليم لمنع ظاهرة التعطّل؛ برامج السنة الانتقالية؛ أعمال مصلحة الاستخدام والتشغيل الإسرائيلية (خدمات التشغيل) وأعمال مراكز ريان التي أقامها جناح العمل في وزارة الاقتصاد والصناعة  (جناح العمل) لدمج الشباب العرب في سوق العمل؛ والعوائق التي تقف في طريق اندماج الشباب العرب في مؤسسات التعليم العالي. تم إجراء الفحص في وزارة التربية والتعليم، في وزارة المساواة الاجتماعية، في جناح العمل، في خدمات التشغيل وفي وزارة الرفاه والضمان الاجتماعي (وزارة الرفاه). تم إجراء الرقابة الاستكمالية في مجلس التعليم العالي في جامعة حيفا، في ديوان رئيس الحكومة وفي وزارة المالية.

تم إجراء الرقابة من خلال جمع، رصد، تحليل وتأكيد البيانات من قواعد المعلومات في مؤسسة التأمين الوطني، الشرطة، المركز القطري للامتحانات والتقييم، السلطة القطرية للقياس والتقييم في التربية (راما) والهيئات الخاضعة للرقابة في هذا الفحص. تم تحليل المعطيات على يد طاقم الرقابة بأدوات كمية، شملت أساليب احصائية وعلمية متطورة تقوم على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات مثل الانحدارات الخطية، أشجار القرارات وتحليل العناقيد. بالإضافة إلى ذلك أجرى مكتب مراقب الدولة إجراء مشاركة جمهور مع مجموعات بؤرية لشباب عرب، ليتعرف عن قرب على وجه نظر الشباب العربي حول العلاج الحكومي المعروض عليهم لتجنب مشكلة التعطّل ولدمجهم في سوق العمل، وليفهم من المشاركين في المجموعات ما هي المعوقات والصعوبات كما يُعايشونها هم. 

الشباب المتعطّل هم الشباب الذين لا يتعلمون ولا يعملون وليس لديهم أي دخل. قرارات الحكومة من السنوات الأخيرة حوّلت الكثير من الموارد المالية لتطوير المجتمع العربي ولتقليص الفجوات الاجتماعية بينه وبين المجتمع اليهودي. مع ذلك، بعد قيام مكتب مراقب الدولة بتحليل البيانات باستخدام أساليب وأدوات إحصائية متطورة يتبين أن جهاز التعليم، الذي يتوجب عليه تزويد الشباب بالأدوات التي تُساعدهم على الاندماج في سوق العمل عند بلوغهم السن الملائمة، والحرص على تحقيق المساواة للأولاد التي تنتمي غالبيتهم لطبقات اجتماعية - اقتصادية فقيرة، لا يُقدم لهم الأدوات والمهارات الضرورية للاندماج في سوق العمل والتعليم العالي. وأيضًا، تبين أن الجهات الحكومية ذات العلاقة - وزارة التربية والتعليم، جناح العمل، وزارة المساواة الاجتماعية، مجلس التعليم العالي، وزارة المالية، مصلحة التشغيل، وديوان رئيس الحكومة - وهي التي يتوجب عليها تقليص الفجوات عند الشباب العرب في جيل 18 وما فوق، لا تقوم بعملها كما يجب. لم نجد خلال أعمال الرقابة وجود أي تأثير واضح لمشاركة الشباب العرب في مراكز ريان، والتي يُشغّلها جناح العمل، على حالة التعطّل التي يُعانون منها. برنامج السنة الانتقالية الذي طُوِرَ كبرنامج ريادي في وزارة المساواة الاجتماعية وفي جناح العمل يتوجه لشريحة صغيرة جدًا من الشباب وتكلفته للفرد عالية، ولهذا لم يكن بالإمكان توسيعه. تبين أن مستوى التمكن من اللغة العبرية الذي حددته الجامعات وبعض الكليات كشرط قبول للتعليم، يمنع الكثير من الشباب العرب من الاندماج في الأكاديميا في إسرائيل، وذلك بسبب مستوى اللغة العبرية المنخفض عند الشباب والشابات العرب الذين ينهون تعليمهم في جهاز التعليم العربي. العديد من هؤلاء الشباب أصبحوا متعطلين رغمًا عنهم، وآخرون وجدوا الحل في الدراسة بالجامعات الفلسطينية أو في السفر للتعلّم خارج البلاد. 

إن دمج الشباب العرب المتعطّل في المجتمع الإسرائيلي وفي سوق العمل هو التحدي المركزي والأكثر تعقيدا الذي يواجه حكومة إسرائيل، وخاصة عند الحديث عن الشباب البدو. مواجهة هذا التحدي ستساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية - الاقتصادية، وفي تحسين إيمان هؤلاء الشباب بأنفسهم، وفي تقليص حجم ظاهرة الجريمة في صفوفهم وفي رفع مستوى جودة حياتهم وانتاجيتهم، وبهذا سيمكنهم المساهمة في رفع انتاجية الاقتصاد الإسرائيلي بأسره.  نوصي الحكومة بالعمل من أجل دمج هؤلاء الشباب أيضا بحسب توصيات هذا التقرير.